قصص من التراب والنار..
ضحى قدسي، فنانة الخزف السورية، أمضت حياتها في تحويل الأرض بوسيلة النار إلى عوالم حية من الألوان والملمس. تروي أعمالها قصصًا خالدة من الأساطير الآشورية، وتستكشف موضوعات الحب والخصوبة والحياة. إبداعات قدسي ليست مجرد فن، إنها روايات تربطنا بالعالم القديم وأسراره.

بدأ شغف قدسي بالفن في سن مبكرة في حلب، سوريا، حيث ولدت عام 1944. قادها هذا الشغف المبكر إلى دراسة التصميم الداخلي في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق، حيث تخرجت عام 1969. وقد أرسى تعليمها الأساس لنهجها الفريد في صناعة السيراميك واللوحة الجدارية، حيث مزجت مبادئ التصميم مع الفهم الفطري للمادة.
رحلة قدسي أخذتها إلى جامعة السوربون في باريس، حيث تابعت دراساتها العليا في أواخر السبعينيات. ركزت أبحاثها على المنازل السورية التقليدية، حيث تعمقت في دراسة الخشب المصور وقاعات الاستقبال. وقد أدى هذا الغوص العميق في الهندسة المعمارية الداخلية التاريخية إلى إثراء مفرداتها الفنية، مما سمح لها بإضفاء أهمية ثقافية وتاريخية على أعمالها الخزفية.

"أحاول.. وأحاول.. أطلي الحجر، وأصقله، وأخبزه، وأحاول..
يضيء الحجر باللون الأصفر والأحمر والأبيض،
يمتزج الأسود في التكوين وتشرق روحي
وتزهر روحي بهذا الحجر..
أعتقد.. وأتساءل.. هل أنوثتي تندمج مع أنوثة الطبيعة!؟"
ضحى قدسي

المعارض والمشاركات
معارضها الفردية، مثل معرض الفن الجداري عام 1997 في صالة دمشق للفنون ومعرض "حلم، حجر، طين" عام 1998 في المركز الثقافي العربي السوري في باريس، ومعرض اللوحة الجدارية عام 2003 في صالة السيد للفنون، أسرت الجماهير بقصصها. كل قطعة هي شهادة على قدرتها على بث الحياة في الطين، وتحويله إلى وسيلة للسرد والتعبير.
وقد تم الاعتراف بموهبة قدسي محلياً ودولياً. حيث شاركت عام 1998 في ورشة خزف البحر الأبيض المتوسط في الحمامات بتونس، وفي عام 1999 انضمت إلى معرض "أربعة فنانين، أربع تجارب" في صالة الأتاسي بدمشق، وعرضت أعمالها في بينالي القاهرة للخزف عام 1999. مشاركتها في هذه الفعاليات، إلى جانب معارض مثل "أطياف عربية" في اليونيسكو ببيروت عام 2001 والملتقى السابع للمبدعات العربيات في مهرجان سوسة الدولي بتونس عام 2002، فضلا عن العديد من المعارض الجماعية الأخرى، تبرز مكانتها. كشخصية بارزة في عالم الفن.
المجموعات
لا تقتصر أعمالها الفنية على صالات العرض فقط؛ يتم تقديرها من قبل المؤسسات وهواة الجمع من القطاع الخاص على حد سواء. تحتفظ وزارة الثقافة السورية والمتحف الوطني بدمشق ببعض أعمالها، وكذلك المجموعات الخاصة في سوريا ودبي وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وتونس ولبنان. تحكي كل قطعة قصة، وتحافظ على أجزاء من التاريخ البشري والعاطفة.

إن الرحلة الفنية لضحى قدسي هي شهادة على قوة الفن الدائمة في ربطنا بماضينا، وإثراء حاضرنا، وإلهام مستقبلنا. ومن خلال إبداعاتها، تواصل قدسي ملامسة قلوب وعقول عشاق الفن حول العالم، وتدعوهم لاستكشاف القصص العالمية العميقة المضمنة في الطين.
Comments